سبقه إلى الإسلام:
اسمه جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب وكان يلقب بأبي المساكين؛ لحبه الشديد للفقراء وعطفه عليهم وبره بهم.
وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم.
أسلم جعفر بن أبي طالب مع الرعيل الأول وكان من السابقين إلى الإسلام.
هجرته للحبشة:
لقي جعفر رضي الله عنه وزوجه أسماء بنت عميس من المشركين أذى كثيرًا فأذن لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة إلى الحبشة عند النجاشي مع من هاجر.
ولما بعثت قريش عمرو بن العاص قبل أن يسلم وعبد الله بن أبي ربيعة إلى النجاشي بالهدايا له ولبطارقته كي يرسل معهما المهاجرين إليه من المسلمين ظهر دور جعفر في الحديث مع النجاشي، تقول أم سلمة رضي الله عنها وكانت من المهاجرين إلى الحبشة: " ... ثم أرسل النجاشي يدعونا للقائه، فاجتمعنا قبل الذهاب إليه، وقال بعضهم لبعض: إن الملك سيسألكم عن دينكم فاصدعوا بما تؤمنون به وليتكلم عنكم جعفر بن أبي طالب ولا يتكلم أحد غيره " .
قالت: ثم ذهبنا إلى النجاشي فوجدناه قد دعا بطارقته فجلسوا عن يمينه وشماله وقد لبسوا طيالستهم واعتمروا قلانسهم ونشروا كتبهم بين أيديهم، ووجدنا عنده عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، فلما استقر بنا المجلس التفت إلينا النجاشي وقال: ما هذا الدين الذي استحدثتموه لأنفسكم وفارقتم بسببه دين قومكم، ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أي من هذه الملل؟ فتقدم منه جعفر بن أبي طالب وقال: أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف ، وبقينا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وقد أمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم، وحقن الدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئًا، وأن نقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونصوم رمضان، فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من عند الله فحللنا ما أحل لنا، وحرمنا ما حرم علينا.
فما كان من قومنا أيها الملك إلا أن عدوا علينا، فعذبونا أشد العذاب ليفتنونا عن ديننا ويردونا إلى عبادة الأوثان، فلما ظلمونا وقهرونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نُظلم عندك.
فالتفت النجاشي إلى جعفر بن أبي طالب وقال: هل معك شيء مما جاء به نبيكم عن الله؟
قال: نعم. قال: فاقرأه علي. فقرأ عليه: (كهيعص ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ) حتى أتم صدرًا من السورة.
قالت أم سلمة: فبكى النجاشي حتى أخضلت لحيته بالدموع وبكى أساقفته حتى بللوا كتبهم؛ لما سمعوه من كلام الله، وهنا قال لنا النجاشي : إن هذا الذي جاء به نبيكم والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة. ثم التفت إلى عمرو وصاحبه وقال لهما: انطلقا فلا والله لا أسلمهم إليكما أبدًا.
عمرو يحاول الوقيعة بين النجاشي والمسلمين وجعفر يرد:
قالت أم سلمة: فلما خرجنا من عند النجاشي توعدنا عمرو بن العاص وقال لصاحبه: والله لآتين الملك غدًا، ولأذكرن له من أمرهم ما يملأ صدره غيظًا منهم، ويشحن فؤاده كرهًا لهم، ولأحملنه على أن يستأصلهم من جذورهم.
فقال له عبد الله بن أبي ربيعة: لا تفعل يا عمرو، فإنهم من ذوي قربانا، وإن كانوا قد خالفونا.
فقال عمرو: دع عنك هذا، والله لأخبرنه بما يزلزل أقدامهم، والله لأقولن له: إنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم عبد. فلما كان الغد دخل عمرو على النجاشي وقال له: أيها الملك، إن هؤلاء الذين آويتهم وحميتهم يقولون في عيسى ابن مريم قولا عظيمًا، فأرسل إليهم وسلهم عما يقولون فيه.
قالت أم سلمة: فلما عرفنا ذلك نزل بنا من الهم والغم ما لم نتعرض لمثله قط، وقال بعضنا لبعض: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم إذا سألكم عنه الملك؟
فقلنا: والله لا نقول فيه إلا ما قال الله، ولا نخرج في أمره قيد أنملة عما جاءنا به نبينا، وليكن بسبب ذلك ما يكون. ثم اتفقنا على أن يتولى الكلام عنا جعفر بن أبي طالب أيضًا.
فلما دعانا النجاشي دخلنا عليه فوجدنا عنده بطارقته على الهيئة التي رأيناهم عليها من قبل، ووجدنا عنده عمرو بن العاص وصاحبه، فلما صرنا بين يديه بادرنا بقوله: ما تقولون في عيسى ابن مريم؟
فقال له جعفر بن أبي طالب:
إنما نقول فيه ما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم. فقال النجاشي: وما الذي يقوله فيه؟ فأجاب جعفر: يقول عنه: إنه عبد الله ورسوله، وروحه وكلمته التي ألقاها إلى مريم العذراء البتول. فما إن سمع النجاشي قول جعفر حتى ضرب بيده الأرض وقال: والله ما خرج ابن مريم عما جاء به نبيكم مقدار شعرة. فتناخرت البطارقة من حول النجاشي استنكارًا لما سمعوا منه، فقال: وإن نخرتم.
ثم التفت وقال: اذهبوا فأنتم آمنون، من سبّكم غرم، ومن تعرض لكم عوقب، ووالله ما أحب أن يكون لي جبل من ذهب، وأن يصاب أحد منكم بسوء. ثم نظر إلى عمرو وصاحبه وقال: ردوا على هذين الرجلين هداياهما؛ فلا حاجة لي بها.
قالت أم سلمة: فخرج عمرو وصاحبه مكسورين مقهورين يجران أذيال الخيبة، أما نحن فقد أقمنا عند النجاشي بخير دار مع أكرم جار.
رجع جعفر ومعه نفر من أصحابه مغادرين الحبشة متجهين إلى المدينة في العام السابع للهجرة بعد عودة الرسول صلى الله عليه وسلم من (خيبر) بعد أن فتحها الله تعالى له، ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومه فرحًا شديدًا.
وفاته:
استشهد جعفر رضي الله عنه في موقعة مؤتة مع زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة. فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه حزنًا شديدًا.
اسمه جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب وكان يلقب بأبي المساكين؛ لحبه الشديد للفقراء وعطفه عليهم وبره بهم.
وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم.
أسلم جعفر بن أبي طالب مع الرعيل الأول وكان من السابقين إلى الإسلام.
هجرته للحبشة:
لقي جعفر رضي الله عنه وزوجه أسماء بنت عميس من المشركين أذى كثيرًا فأذن لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة إلى الحبشة عند النجاشي مع من هاجر.
ولما بعثت قريش عمرو بن العاص قبل أن يسلم وعبد الله بن أبي ربيعة إلى النجاشي بالهدايا له ولبطارقته كي يرسل معهما المهاجرين إليه من المسلمين ظهر دور جعفر في الحديث مع النجاشي، تقول أم سلمة رضي الله عنها وكانت من المهاجرين إلى الحبشة: " ... ثم أرسل النجاشي يدعونا للقائه، فاجتمعنا قبل الذهاب إليه، وقال بعضهم لبعض: إن الملك سيسألكم عن دينكم فاصدعوا بما تؤمنون به وليتكلم عنكم جعفر بن أبي طالب ولا يتكلم أحد غيره " .
قالت: ثم ذهبنا إلى النجاشي فوجدناه قد دعا بطارقته فجلسوا عن يمينه وشماله وقد لبسوا طيالستهم واعتمروا قلانسهم ونشروا كتبهم بين أيديهم، ووجدنا عنده عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، فلما استقر بنا المجلس التفت إلينا النجاشي وقال: ما هذا الدين الذي استحدثتموه لأنفسكم وفارقتم بسببه دين قومكم، ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أي من هذه الملل؟ فتقدم منه جعفر بن أبي طالب وقال: أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف ، وبقينا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وقد أمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم، وحقن الدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئًا، وأن نقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونصوم رمضان، فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من عند الله فحللنا ما أحل لنا، وحرمنا ما حرم علينا.
فما كان من قومنا أيها الملك إلا أن عدوا علينا، فعذبونا أشد العذاب ليفتنونا عن ديننا ويردونا إلى عبادة الأوثان، فلما ظلمونا وقهرونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نُظلم عندك.
فالتفت النجاشي إلى جعفر بن أبي طالب وقال: هل معك شيء مما جاء به نبيكم عن الله؟
قال: نعم. قال: فاقرأه علي. فقرأ عليه: (كهيعص ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ) حتى أتم صدرًا من السورة.
قالت أم سلمة: فبكى النجاشي حتى أخضلت لحيته بالدموع وبكى أساقفته حتى بللوا كتبهم؛ لما سمعوه من كلام الله، وهنا قال لنا النجاشي : إن هذا الذي جاء به نبيكم والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة. ثم التفت إلى عمرو وصاحبه وقال لهما: انطلقا فلا والله لا أسلمهم إليكما أبدًا.
عمرو يحاول الوقيعة بين النجاشي والمسلمين وجعفر يرد:
قالت أم سلمة: فلما خرجنا من عند النجاشي توعدنا عمرو بن العاص وقال لصاحبه: والله لآتين الملك غدًا، ولأذكرن له من أمرهم ما يملأ صدره غيظًا منهم، ويشحن فؤاده كرهًا لهم، ولأحملنه على أن يستأصلهم من جذورهم.
فقال له عبد الله بن أبي ربيعة: لا تفعل يا عمرو، فإنهم من ذوي قربانا، وإن كانوا قد خالفونا.
فقال عمرو: دع عنك هذا، والله لأخبرنه بما يزلزل أقدامهم، والله لأقولن له: إنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم عبد. فلما كان الغد دخل عمرو على النجاشي وقال له: أيها الملك، إن هؤلاء الذين آويتهم وحميتهم يقولون في عيسى ابن مريم قولا عظيمًا، فأرسل إليهم وسلهم عما يقولون فيه.
قالت أم سلمة: فلما عرفنا ذلك نزل بنا من الهم والغم ما لم نتعرض لمثله قط، وقال بعضنا لبعض: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم إذا سألكم عنه الملك؟
فقلنا: والله لا نقول فيه إلا ما قال الله، ولا نخرج في أمره قيد أنملة عما جاءنا به نبينا، وليكن بسبب ذلك ما يكون. ثم اتفقنا على أن يتولى الكلام عنا جعفر بن أبي طالب أيضًا.
فلما دعانا النجاشي دخلنا عليه فوجدنا عنده بطارقته على الهيئة التي رأيناهم عليها من قبل، ووجدنا عنده عمرو بن العاص وصاحبه، فلما صرنا بين يديه بادرنا بقوله: ما تقولون في عيسى ابن مريم؟
فقال له جعفر بن أبي طالب:
إنما نقول فيه ما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم. فقال النجاشي: وما الذي يقوله فيه؟ فأجاب جعفر: يقول عنه: إنه عبد الله ورسوله، وروحه وكلمته التي ألقاها إلى مريم العذراء البتول. فما إن سمع النجاشي قول جعفر حتى ضرب بيده الأرض وقال: والله ما خرج ابن مريم عما جاء به نبيكم مقدار شعرة. فتناخرت البطارقة من حول النجاشي استنكارًا لما سمعوا منه، فقال: وإن نخرتم.
ثم التفت وقال: اذهبوا فأنتم آمنون، من سبّكم غرم، ومن تعرض لكم عوقب، ووالله ما أحب أن يكون لي جبل من ذهب، وأن يصاب أحد منكم بسوء. ثم نظر إلى عمرو وصاحبه وقال: ردوا على هذين الرجلين هداياهما؛ فلا حاجة لي بها.
قالت أم سلمة: فخرج عمرو وصاحبه مكسورين مقهورين يجران أذيال الخيبة، أما نحن فقد أقمنا عند النجاشي بخير دار مع أكرم جار.
رجع جعفر ومعه نفر من أصحابه مغادرين الحبشة متجهين إلى المدينة في العام السابع للهجرة بعد عودة الرسول صلى الله عليه وسلم من (خيبر) بعد أن فتحها الله تعالى له، ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومه فرحًا شديدًا.
وفاته:
استشهد جعفر رضي الله عنه في موقعة مؤتة مع زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة. فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه حزنًا شديدًا.