لم تحقق أيا من المنتخبات السعودية بكافة الفئات السنية وكذلك الفرق الكروية أي انجازات تسجل للوطن لهذا الموسم 2009 مما جعل الكثير يعتبره عام الجفاف والاخفاقات لكرة القدم السعودية ولعل ابرزها عدم وصول المنتخب الاول الى نهائيات كأس العالم 2010 حينما خرج من الملحق امام المنتخب البحريني وأعقبه بأسابيع معدودة حلول فريق الاتحاد وصيفا للبطولة الاسيوية حينما خسر النهائي امام فريق بوهانج الكوري الجنوبي وخروج منتخبات الناشئين والشباب صفر اليدين من العديد من البطولات التي شاركت بها بغض النظر عن فرصة منتخب الشباب في الوصول الى نهائيات البطولة الآسيوية من خلال التصفيات الاولية التي يخوضها حاليا في محافظة اربيل العراقية.
وتم فتح هذا الملف الشائك من خلال استضافة عدد من المدربين الوطنيين واللاعبين السابقين والكتاب الرياضيين لبحث الأسباب التي ادت الى هذه الاخفاقات فإلى ثنايا هذا التقرير الذي يتضمن الآراء الصريحة والواضحة.
بداية يؤكد المدرب الوطني محمد الخراشي الذي قاد عددا من المنتخبات الوطنية السعودية لتحقيق انجازات قبل قرابة العقد من الزمن ان الكرة السعودية لا تستحق ان ينتهي عام 2009 دون الحصول على انجاز جديد يضاف الى الانجازات الكثيرة التي سجلتها الرياضة السعودية عامة وكرة القدم خاصة.
ويضيف الخراشي "كل من يعمل في المجال الرياضي من المؤكد انه اجتهد وبذل وسعى لتحقيق الطموحات لكن في المقابل هناك ايضا اناس يعملون في الجانب الاخر والمنافسون لن يكونوا مكتوفي الايدي بل سيجتهدون ايضا وحينها يأتي الحسم في ارض الملعب والتوفيق له الدور الاهم في اي منافسة."
وأكد أن هناك ظروفا عديدة مرت على المنتخبات والفرق السعودية منها ما حصل للمنتخب الاول في مشوار الوصول لمونديال 2010 حيث تعرض لظلم تحكيمي واضح وفقد العديد من النقاط مبكرا وكذلك تغير المدربين والاصابات وغيرها من الظروف التي لا تخفى على أحد وكانت هناك فرصة في الملحق الآسيوي ضد البحرين لكن التوفيق لم يكن حاضرا كما لا يمكن تجاهل انخفاض مستويات عدد من النجوم البارزين أما عن الفرق السعودية وتحديدا الاتحاد الذي وصل لنهائي دوري ابطال آسيا وخسر الفوز بالكأس فالواضح أن عددا من نجومه المؤثرين لم يقدموا المتوقع منهم كما ضاعت عدد من الفرص الهامة من قبل ابرز لاعبيه المحترفين مثل امين الشرميطي وهشام بوشروان وكانت الاخطاء الفردية سمة واضحة في الخسارة الاتحادية غير المتوقعة.
ويشدد الخراشي على ضرورة الحديث بواقعية عن وضع المنافسة في الكرة السعودية حيث يبرز على الساحة حاليا ثلاث فرق هي الهلال والاتحاد والشباب وهذا يؤثر سلبا على الوضع العام وتنعكس نتائجه على المنتخبات وهناك امور سلبية في اللاعبين منها عدم التغذية المنظمة والجيدة وغيرها مطالبا عدم الاستعجال من قبل الشارع الرياضي السعودي للحصول على نتائج للحلول التي وضعها المسؤولون في الرياضة السعودية بقيادة الرئيس العام لرعاية الشباب الامير سلطان بن فهد وسمو نائبه الامير نواف بن فيصل وضرورة معالجة ما حصل من سلبيات واخطاء بهدوء وحكمة بعيدا عن العاطفة لان ادراك الخطأ ومعالجته بهدوء وحكمة افضل من ترديد كلمات لا تتناسب مع الواقع الموجود والقيادة الرياضية حريصة كل الحرص على عودة الكرة السعودية بقوة لكافة الساحات.
ويعتقد المدرب الوطني سمير هلال أن الإخفاقات التي حصلت لا يمكن اكتشاف كافة مسبباتها وطرق علاجها خلال ليلة وضحاها بل الامر يحتاج الى دراسة مستوفاة من كافة الجوانب وكان تشكيل لجنة لدراسة ما حصل من اخفاقات وسبل تطوير الكرة السعودية هو شيء ايجابي جدا ويؤكد حرص القيادة الرياضية على عدم تكرار مثل هذه الاخفاقات كون الكرة السعودية يجب ان تستعيد تألقها على كافة الاصعدة والمحافل.
ويعتبر هلال ان العديد من نجوم كرة السعودية يعانون من انخفاض واضح في مستوياتهم الفنية خصوصا في المباريات الحاسمة ويمكن القول أن الضغط الإعلامي الهائل له دور في ذلك وخير مثال على ذلك ما حصل في مواجهة المنتخب الوطني السعودي ضد المنتخب البحريني الشقيق في الملحق حيث كان الضغط واضحا على لاعبي منتخبنا والجميع كان يترقب الوصول للمرة الخامسة الى المونديال فيما كان الضغط اخف على لاعبي المنتخب البحريني. وفي نهائي دوري أبطال آسيا بين الاتحاد وبوهانج ظهر تأثر نجوم الاتحاد بالضغط وكانت هناك أخطاء فردية ساهمت بشكل واضح في عدم تحقيق الاتحاد للقب رغم انه كان المرشح الأبرز.
ويشدد هلال على ضرورة الاهتمام بالفئات السنية من خلال التعاقد مع مدربين اكفاء ولكن هذا لا يمكن ان تظفر به جميع الاندية لاختلاف الامكانيات المادية بين ناد وآخر.
ويعتبر هلال ان الرضوخ للاحباطات لا يتأتى بالحلول أبدا فمن المهم العمل على تلافي السلبيات الواضحة فالمنتخب البرازيلي لدرجة الناشئين خرج مؤخرا من بطولة كأس العالم في نيجيريا منذ الدور الاول وهذا لا يقلل من شأن الكرة البرازيلية بل ان هناك حلولا من المؤكد انها ستجعل المنتخبات البرازيلية تعود كعادتها اكثر تألقا في البطولات.
ويعتبر الحارس السابق عبدالرحمن الحمدان ان الضغوط الاعلامية لها دور واضح فيما حصل للكرة السعودية هذا الموسم حيث صور للبعض ان المنتخب تجاوز الملحق الاسيوي قبل مواجهة المنتخب البحريني الشقيق وتكررت نفس الصورة قبل مواجهة الاتحاد امام فريق بوهانج الكوري الجنوبي وكأن الحصول على المراد كان مسألة وقت مما ساهم في الضغط على اللاعبين كون قناديل الافراح اشعلت قبل موعدها.
ولا ينفي الحمدان وجود عوامل كثيرة ساهمت في اخفاق المنتخبات والفرق السعودية في المنافسات التي شاركت بها الا انه يؤكد على ضرورة الاستفادة من السلبيات والنظر بواقعية لكافة الامور والنظر للمنافسين بأنهم يملكون الحظوظ نفسها التي تملكها فرقنا ومنتخباتنا في كافة المناسبات كون احترام الاخرين هو طريق النجاح.
واخيرا يقول اللاعب الدولي السابق والمحلل الرياضي الحالي صالح الداود ان الكرة السعودية تعاني من تراجع واضح منذ المشاركة في مونديال امريكا 1994 والسبب الرئيسي ان الاحتراف بات حبرا على ورق وبات اللاعبون في الغالبية يبحثون عن المبلغ الذي يتقاضونه اكثر من المردود الذي سيقدمونه في المقابل.
ويضيف الداود نعم تأهل منتخبنا بعد مونديال 94 لكأس العالم ثلاث مرات ولكن كان طريق الوصول صعبا كما لا يمكن تجاوز الفوز ببطولة كأس اسيا 96 ولكن هذا الانجاز كان نتيجة وجود لاعبين لم يغيرهم الاحتراف والمال كما وصل الحال اليه الان.ويعتبر الداود ان الامور الادارية سبب رئيسي حيث ان البرمجة في البطولات والمسابقات غير متناسبة واقرب للفوضوية والملخبطة.
كما لا يوجد استقرار واضح على مدربين واحتكار ثلاث فرق هي الهلال والاتحاد والشباب للبطولات المحلية رغم وجود فرص متفاوتة لاندية اخرى لكن الواضح ان هذه الاندية الثلاثة هي الابرز وبالتالي ينتج عن ذلك تراجع للمنتخبات.
ويشدد على اهمية نهج البرامج التطويرية بحيث يعطي اللاعب حقه بعد ان يقدم المستوى المنتظر منه دون ان يمنح الكثير من المال وينام بعدها على وسادته بعد ان يكون قد حقق طموحاته.
ويجب العمل على تجاوز ابرز سلبيات الاحتراف وتنظيم المسابقات بصورة جيدة وكذلك العمل على اعادة قوة الدوري السعودي كونه هو مصنع انتاج النجوم.